شهادة من السيدة / غادة جمشير رئيسة لجنة العريضة النسائية
في ملتقى دبلن الرابع للمدافعين عن حقوق الإنسان
جمهورية ايرلندا – 22 – 24 نوفمبر 2007
أنا غادة يوسف جمشير، مواطنة بحرينية من مواليد مدينة المحرق، سيدة أعمال وأم لطفلة عمرها 9 سنوات .
بدأت مشوار العمل في مجال حقوق الإنسان وبشكل خاص (حقوق المرأة) . منطلقة من أروقة المحاكم الشرعية بالبحرين التي تعج بالفساد الأخلاقي والمهني. وكان الباعث على ذلك ما لمسته من معاناة شديدة أوصلت بعض النسوة إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، وأحالت بعضهن إلى الانحراف الأخلاقي نتيجة الاضطهاد المركب الديني، الأبوي، الاجتماعي.
إن قسوة الأحكام الشرعية بنزع حضانة الاطفال عن أمهاتهن أو إجبارهن على الحياة تحت ظروف قاسية تحت رحمة الزوج و باسم الدين الاسلامي ممثلة في المحكمة الشرعية، دفعني مع نفر من النسوة المتضررات من الأحكام الشرعية إلى تشكيل منظمة نسائية عرفت باسم لجنة العريضة النسائية، مهمتها الدفاع عن المتضررات من الأحكام الشرعية.
لعبت هذه اللجنة دوراً بارزاً طوال السنوات من 2000 إلى 2007 على أرض الواقع ومن خلال الاعتصامات والمظاهرات داخل أروقة المحاكم (قلعة القضاء الشرعي) التي يتحصن بها. وقامت اللجنة بتوظيف الصحافة طارحة أهدافها المتمثلة في إصلاح القضاء الشرعي وإصدار قانون للأحوال الشخصية. وقد أدى ذلك إلى إقالة سبعه من قضاة الشرع دفعة واحدة من الطائفتين السنية والجعفرية، كما حرك الحكومة للاستجابة لطرح ملف قانون الأحوال الشخصية .
بعد فصل القضاة الشرعيين نتيجة الضغط الذي مارسته اللجنة على الصعيد الشعبي والإعلامي عمد بعض قضاة الشرع لاستهدافي بصفتي رئيسة لجنة العريضة النسائية. فأقام مجموعة من القضاة برفع قضايا جنائيه كيديه متعددة ضدي تصل مجموع الأحكام فيها إلى خمسة عشرة سنة سجن بحجة المساس بالقضاء الشرعي.
ولكن اللجنة قامت بتصعيد النشاط والتواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حيث قمت بزيارات إلى بريطانيا وجنيف رافقتني فيها مجموعة من النساء المتضررات. ونتيجة للتحرك المحلي ومساندة المنظمات الدولية صدرت الأحكام في جميع القضايا الموجهة ضدي في المحاكم الجنائية بالبراءة.
في عام 2005 أصدرت كتابا بعنوان الجلاد والضحيه في المحاكم الشرعيه رصدت فيه حركة اللجنه والحالات النسائيه المتظرره من الاحكام الشرعيه .
في سبتمبر عام 2006 قامت وزارة التنمية الاجتماعية بالضغط علي لوقف نشاط اللجنة باعتبار أنها غير مسجلة في قانون الجمعيات الأهلية. وهددت الوزارة القائمين على اللجنة بالملاحقة القانونية. وتستخدم السلطة قانون الجمعيات لتقييد نشاط هذه الجمعيات والسيطرة عليها، حيث يجوز للوزارة رفض طلب التسجيل او تعطيله، ويعطي القانون للوزارة صلاحيات مفتوحة في الرقابة والتدخل في تشكيل او حل الإدارة وكذلك في حل الجمعية. وتمنع المادة 18 من القانون الجمعية المسجلة من تبني أي رأي او نشاط ذي طابع سياسي. كما يقيد القانون قدرة الجمعية على التواصل الخارجي وتلقي الدعم المالي.
في العام 2006 وعلى أثر مشاركتي مع بقية الفعاليات الوطنية البحرينية بمجلس اللوردات البريطاني وانتقادي لسياسات السلطة في البحرين فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وصلني تهديد مباشر من وزير الديوان الملكي يطلب مني ترك العمل العام. بعد ذلك تم وضعي تحت المراقبة المباشرة حيث رابطت سيارات المخابرات قرب المسكن، وتم وضع هاتفي تحت الرقابة المستمرة، كما تم إرسال أشخاص محسوبين على النظام لعرض الرشاوي علي وفي نفس الوقت لتهديدي بتشويه سمعتي، وفعلاً قامت المخابرات بمحاولة زرع جهاز لنقل الصور لما يدور داخل غرفة نومي، في محاولة للحصول على صور لتستخدمها في إسكات صوتي، وكان ذلك من خلال بعث أحد المتخصصين بتركيب أطباق نقل القنوات الفضائية.
حاولت الأجهزة الاستخباراتية زيادة الضغط من خلال مضايقة أفراد أسرتي الذين يتبوأ بعضهم مواقع مهمة في الدولة والمجتمع، وذلك لتأليبهم ضدي بقصد إيقاف نشاطي وإسكات صوتي. وأوعز وزير الديوان الملكي خالد أحمد آلخليفه بمنع الصحافة البحرينية وجميع أجهزة الاعلام من نشر بيانات وأخبار اللجنة والتحركات التي أقوم بها مما دفعني إلى استخدام شبكة (الإنترنت) مستخدمة بعض المواقع الحوارية العامة. فلجأت الاستخبارات إلى اختراق هذه المنتديات والعمل على تشويه سمعتي لمحاصرتي شعبيا بالترويج الى انني ضد المعتقدات الدينية والمذهبية للفئات التي تنتمي لها النساء ضحايا التهميش والفقر والمتضررات من المحاكم الشرعية.
كل تلك التهديدات والمضايقات لم تثنيني أبدا عن المواصلة في العمل، وأنني افتخر بالمساندة الدولية التي حظيت بها من قبل العديد من المنظمات العربية والدولية، واختياري عام 2006 من قبل مجلة تايم الاميركية واحدة من بين أربعة يمثلون أبطال الحرية في المنطقة العربية، واختيار تقرير الفوربز الأمريكي لي كواحدة من بين أكثر عشر نساء مؤثرات في الوطن العربي في عام 2006. كما إنني اعتز مشاركتي مع كل من رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو، والناشطة الإيرانية شيرين عبادي، في تأسيس منتدى النساء المسلمات لحقوق الإنسان والديمقراطية الذي عقد مؤتمره الأول في أوسلو بالنرويج في شهر مايو 2007. وكل ذلك أعطاني الدافع للصمود ومواصلة النضال رغم جميع الصعوبات.
وختاما.. فأنني من خلال هذا اللقاء الدولي الهام اوجه شكري لمنظمة الخط الأمامي والمنظمات الدولية الأخرى على جهودها في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وجئت هنا لأعرض قضيتي وقضية شعبي لعل ذلك يكسر حاجز الصمت على ما يجري في الدول العربيه من ظلم وامتهان للإنسان بشكل عام وللمرأة بشكل خاص في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعيه. وانه من المؤسف أن تؤدي أموال النفط والمصالح الاستراتيجية للحكومات الغربية في المنطقة إلى مساندة الانظمه الشموليه وتصويرها بأنها مدنية وديمقراطية على حساب الحقيقة وعلى حساب كرامة الإنسان وحرياته وحقوقه.
غاده جمشير