Friday, March 13, 2009

البحرين : التحول نحو الحكم العسكري أو الحرب بالوكالة


البحرين .. التحول نحو الحكم العسكري أو الحرب بالوكالة

عباس المرشد

في أكتوبر 2008 صدر أمر ملكي بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى في البحرين و تحديد اختصاصاته. بعض الصحف المحلية اكتفت بذكر الخبر و البعض منها نشرت نص المرسوم الملكي كما نشر في الجريدة الرسمية. واحد فقط من الحقوقيين شن هجوما لاذعا على التشكيلة الجديدة و اعتبر مجلس الدفاع الأعلى بتشكيليته الجديدة بمثابة عصابة يجب عزلها و محاصرتها. الخطاب آثار موجة كبيرة من اللغط و الاختلاف حول سقف الخطاب الذي ألقاه عبد الهادي الخواجة ليلة العاشر من المحرم في العاصمة المنامة أما النيابة العامة فقد بادرت إلى إرسال مذكرة استدعاء للخواجة لتحقيق معه بتهمة التحريض على قلب النظام و التطاول على رموز الحكم.
انتهت القضية بسرعة كبيرة إذ أفرج عن الخواجة بضمان مقر إقامته والبدء في عقد جلسات محاكمة متفرقة و الذين اختلفوا حول مضمون كلمة الخواجة فارقوا الاختلاف بعد مدة من الوقت، فالقادم من بعد هذا الخطاب كان أكبر و الحكومة كانت تنتظر أن تقوم بعمل لا تريد لقضية الخواجة ان تؤثر عليه. هكذا و بجردة حساب بسيطة كان الأستاذ حسن مشيمع و أثنين من رفاقه على قائمة الاعتقال بالتهم نفسها ولو أضيف إليهم اعتقال ناشط حقوقي بمرتبة الخواجة لخسرت الحكومة القضية أكثر مما خسرته حتى الآن.
بعد أن انهي الخواجة اعتصامه مع عدة شخصيات دينية و سياسية احتجاجا على تدهور الأوضاع السياسية و الأمنية و مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الأستاذ حسن مشيمع، أصبح الوقت ملائما لأن يشرح ما أطلق عليه بالعصابة الحاكمة لا كشعار انفعالي بل كرؤية تحليلية للواقع السياسي المتأزم منذ 2002 و تأزم كثيرا جدا منذ 2007 . ما يدعوا الخواجة إلى الاعتناء كثيرا بمجلس الدفاع الأعلى هو طريقة تشكيله و الصلاحيات الجديدة التي أعطيت له بعد أن كان مجلسا عاديا تؤسسه كل الدول من أجل الدفاع عن الأخطار الخارجية و ما يتعلق بالحرب و السلم. يتشكل «مجلس الدفاع الأعلى» الجديد برئاسة الملك القائد الأعلى وعضوية كل من: رئيس مجلس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، القائد العام لقوة دفاع البحرين الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، رئيس الحرس الوطني الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، وزير الدولة لشئون الدفاع الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، رئيس المكتب العسكري للقائد الأعلى الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة، وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، رئيس جهاز الأمن الوطني الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة، وأمين عام مجلس الدفاع الأعلى الشيخ أحمد بن خليفة آل خليفة. و كانت صحيفة الشرق الأوسط نقلت أن مصدرا مطلعا صرح لها " إن هناك العديد من المهام الجديدة التي تنتظر هذا المجلس، مبينا أن من أبرز هذه المهام إقرار حالة السلامة الوطنية، وكذلك حالة الأحكام العرفية وإعلان التعبئة العامة والجزئية، وتحديد مصادر تهديد الأمن الوطني، وتخصيص القدرات الوطنية لمراجعة التحديات التي تواجه البلاد، ووضع سياسة وقائية أمنية للبحرين، والإشراف على العمليات العسكرية، والإشراف على السياسة الأمنية الداخلية، وكذلك السياسة الأمنية الخارجية، موضحا أن هذه المهام ستضاف للمهام الأخرى مثل الشؤون العسكرية للبلاد. وحول الأحداث الداخلية التي تواجهها البحرين بين الحين والآخر، أكد المصدر أن مجلس الدفاع الأعلى سيكون له دور في الشؤون الداخلية، ومتابع للعمليات كما سيختص برسم السياسة الأمنية لمواجهة أي تهديد للأمن الداخلية، إلا أن المصدر شدد في الوقت ذاته على أن هناك العديد من المهام الجسيمة الكبيرة، التي تواجه المجلس داخليا وخارجيا.

الخواجة يقرأ في هذه الصلاحيات تحول البحرين إلى حكم عسكري ترسم استراتيجياته من خلال رموز المجلس نفسه وهذا ما يعتبره أخطر تحول تشهده البحرين منذ استقلالها سنة 1971. ويقول الخواجة أن اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى هي اجتماعات منتظمة و تدار بشكل منظم جدا حيث أكد المرسوم الملكي على تعيين أمين سر للمجلس يقوم بالترتيب الجيد للاجتماعات الدورية و تجهيز الوثائق والمستندات والمعلومات وكل ما يتعلق بالمواضيع المطروحة في الاجتماع، تنظيم محاضر الاجتماعات وطباعتها وتوزيعها على الأعضاء، و صوغ قرارات المجلس والتأكد من إيصالها إلى الجهات المختصة، و متابعة تنفيذ قرارات المجلس مع الجهات المكلفة بتنفيذها واطلاع أعضاء المجلس على ما تم بخصوصها، ومراعاة السرية اللازمة في أعمال المجلس والوثائق والمعاملات المتعلقة به.
يذهب الخواجة بعيدا في تقديم رؤيته السياسية عندما ينفي تأثير الخلافات وسط العائلة الحاكمة على رسم الاستراتيجيات و الممارسات السياسية و الأمنية فالمختلفون يجتمعون ويخططون بروح الفريق الواحد، و يضيف أن مثل هذه الخلافات قد تكون مؤثرة فيما ما مضي لكنها و منذ 2007 لم تعد مؤثرة خصوصا و أن الأشخاص أنفسهم باتوا يسوقون لوجود هذه الاختلافات، عندما يتلقون بمراسلين أجانب أو شخصيات سياسية محلية و بالتالي يلقون اللوم على بعضهم لتبرير تأخر الإصلاحات أو لتبرير حجم العنف الممارس ضد الجماعات السياسية و الحقوقية. ولا يتردد الخواجة عن ذكر أمثلة لهذه التسويقات و كيف يتم استثمارها سياسيا في تشتيت الانتباه بين أقطاب القوى السياسية المعارضة.

بحكم السرية اللازمة في أعمال المجلس الأعلى للدفاع حيث يتأسس الحكم العسكري في البلاد فهو لا يباشر أعماله إلا من خلال جهاز الأمن الوطني الذي يعتبر الذراع التنفيذية وليس مركز قوة كما يقول الخواجة لأنه لو كان مركز قوة مقابل مراكز القوى الأخرى لما شهد ثلاث تغييرات في مدة قصيرة جدا لا تتعدى الخمس سنوات، و على هذا الأساس يرى الخواجة أن الصلاحيات الواسعة المعطاة لأفراد جهاز الأمن الوطني تهدف إلى جعله جهازا منفصلا تماما لا يمكن محاسبته اعتمادا على المرسوم الأخير الذي أصدره ملك البلاد و تم بموجبه إعطاء أفراد جهاز الأمن الوطني صفة القبض القضائي إذ بإمكانه أن يقوم باعتقال أي فرد من دون الرجوع إلى النيابة العامة أو أي جهة قضائية و فوق ذلك فأفراد جهاز الأمن الوطني يعاملون معاملة العسكريين فلا يمكن مقاضاتهم إلا في محاكم عسكرية و ليس أمام مؤسسات القضاء المدني.

أمام هذه الاستحقاقات فمن الطبيعي أن تشهد البحرين موجهات بين نظام الحكم و القوى السياسية المعارضة في ظل اشتداد تأزم الملفات و استمرار التراجعات و يصعب قبول حكم عسكري بصورة واضحة و ظاهرة في منطقة الخليج العربي و من الطبيعي أن تكون مواجهة الحكومة لمثل هذه المواجهات مختلفا عما كان سابقا فهي الآن تمتلك قوات أكثر تدريبا على مواجهات المدن و شوارع القرى و لدى القوات الخاصة خرائط مفصلة لمداخل و مخارج المناطق السكنية تدعمها وحدات كبيرة من المليشيات المدنية و بالتالي فهي فالحكومة أقدر على الإمساك بالجانب الأمني حاليا و تستطيع أن تفرض القبضة الأمنية عبر جهاز الأمن الوطني البعيد عن المحاسبة و لتفتح جانبا آخر هو الحرب بالوكالة في الجانب السياسي. الصورة الأمنية و الارتباك السياسي و مخاوف الحكم العسكري تدعو الفاعلين السياسيين إلى ضرورة الإسراع في تقديم بدائل حقيقية و فاعلة عن البدائل الحالية فليس من المعلوم ما الذي يمكن أن تقدم عليه الأجهزة الأمنية في مراحل قادمة .
ملحق: الأمر الملكي بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى

صدر عن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمر ملكي رقم (15) لسنة 2008 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى، جاء فيه «أنه بعد الاطلاع على الدستور، وعلى الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2006 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى وتحديد اختصاصاته، وعلى قانون قوة دفاع البحرين الصادر بالمرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2002، خاصة المادة (11) منه، وعلى الأمر الملكي رقم (36) لسنة 2007 بتعيين رئيس للمكتب العسكري لصاحب الجلالة القائد الأعلى، وعلى الأمر الملكي رقم (1) لسنة 2008 بتعيين نائب للقائد الأعلى، وعلى الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2008 بتعيين القائد العام لقوة دفاع البحرين، فإنه يعاد تشكيل مجلس الدفاع الأعلى المقرر في المادة (1) من الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2006».

ويتشكل «مجلس الدفاع الأعلى» الجديد برئاسة جلالة الملك القائد الأعلى وعضوية كل من: رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، القائد العام لقوة دفاع البحرين الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، رئيس الحرس الوطني سمو الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، وزير الدولة لشئون الدفاع الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، رئيس المكتب العسكري للقائد الأعلى الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة، وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، رئيس جهاز الأمن الوطني الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة، وأمين عام مجلس الدفاع الأعلى الشيخ أحمد بن خليفة آل خليفة. هذا وبدأ العمل بهذا الأمر من تاريخ صدوره في 18 يونيو / حزيران 2008


صدر أمر ملكي رقم (26) لسنة 2008 بتعديل الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2006 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى وتحديد اختصاصاته.

وجاء في الأمر الملكي، الذي صدر بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 أنه «بعد الاطلاع على الدستور، وعلى الأمر الملكي رقم (15) لسنة 2008 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى، وعلى قانون قوة دفاع البحرين الصادر بالمرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2002، خاصة المادة (11) منه. أمرنا بالآتي:
مادة أولى:
تُلغى الفقرة (م) من المادة (1) من الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2006 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى وتحديد اختصاصاته والمعدل بالأمر الملكي رقم (15) لسنة 2008.
ويُستبدل بنصي المادتين (9) و(10) من الأمر الملكي رقم (2) لسنة 2006 بإعادة تشكيل مجلس الدفاع الأعلى وتحديد اختصاصاته والمعدل بالأمر الملكي رقم (15) لسنة 2008،
النصان الآتيان:
مادة 9:
يُعين القائد العام لقوة دفاع البحرين أحد ضباط قوة الدفاع أمين سر لمجلس الدفاع الأعلى، كما يُعيِّن عدداً من منتسبي قوة الدفاع لمعاونته في القيام بالواجبات والمسئوليات المناطة به.
كما نص على أن يستبدل بمادة 10:
تتولى أمانة سر المجلس القيام بالواجبات والمسئوليات الآتية:
حفظ الوثائق والمعاملات الخاصة بأعمال المجلس، إجراء الاتصالات اللازمة لتنسيق مواعيد اجتماعات المجلس وتبليغ الأعضاء، تحضير جدول الأعمال لاجتماعات المجلس وتجهيز الوثائق والمستندات والمعلومات وكل ما يتعلق بالمواضيع المطروحة في الاجتماع، تنظيم محاضر الاجتماعات وطباعتها وتوزيعها على الأعضاء، صوغ قرارات المجلس والتأكد من إيصالها إلى الجهات المختصة، متابعة تنفيذ قرارات المجلس مع الجهات المكلفة بتنفيذها واطلاع أعضاء المجلس على ما تم بخصوصها، ومراعاة السرية اللازمة في أعمال المجلس والوثائق والمعاملات المتعلقة به.
أما المادة الثانية :
فنصت على أن يُعمل بهذا الأمر من تاريخ صدوره، ويُنشر في الجريدة الرسمية

No comments: